كاميران حوج

book cover

أمير الضباب

May 21, 2022

ما الذي يبحث عنه ثيودور لرنر في هذا المكان الكئيب ولماذا اختار مارتن موسباخ هذا الموقع بالذات؟ الجواب بسيط. حيث العدم، يتمكن الخيال من الانتشار دون روادع ويضرب جذوره. هذه البقعة الحجرية البائسة في بحر الشمال، .... حبيسة الجليد والظلام، هي المكان المثالي للإسقاطات. ... على جزيرة الدببة تقوم حياة ثيودور لرنر. سوف يستعمرها: بأحلامه. وهذه تينع أساسا في نفس ثيودور لرنر، المالك والمكتشف ومستصلح العدم في القطب الشمالي.

 


وصف


From Books

ما إن تبتعد عدة خطوات عن حضن الأهل والحي، حتى تكون كمن جاب أقطار العالم الرحب. الهجرة كلمة جميلة، تثير الخيال. إلا أن تيودور لرنَر، لحظه العاثر، ليس من مواطني انكلترا الذين يقطعون الآفاق، فقد كانت الدنيا كلها مفتوحة في وجه هؤلاء، أو أنهم يسودون نصفها على الأقل. لكن هناك أقطار أخرى في العالم، اسمها الأرجنتين حيث تربية الأبقار، والبرازيل حيث زراعة البن، وكذلك بنما حيث يمكن افتتاح شركة ملاحة. آخرون يجربون حظوظهم في روسيا ويتاجرون بالسكر والنيلة. كل هذه المغامرات تتحول بسرعة الريح إلى أكداس من الذهب. وحين يعود المخاطرون إلى الوطن يقطنون مدن فيسبادِن وغودِسبِرغ في قصور ذات أبراج وجنائن واسعة ويريحون أبصارهم المرهقة بالتجوال والمغامرات بإطلالة على مناظر نهر الراين الهادئة.

رأى تيودور لِرنَر أنه يتقن الكتابة. وبما أن آفاق الدنيا الرحبة مسدودة في وجهه، فلا ضير بأن يصبح كاتب رحلات. فكتاب الرحلات يمتطون ظهور الأفيال لصيد النمور ويدوّنون أوراقهم على بصيص السراج الخافت. ويرفع لهم القراء في الوطن أسمى آيات الإجلال والإكبار. الجميع يقرأ كتب المغامرات ببالغ الاحترام، حتى ابن العم فالنتين نويكيرش، مدير المناجم الحصيف، الذي لا يني يتهم لرنر ببناء صروح من الخيال. في هذه الأثناء كان تيودور لرنَر يدبِّر أمور معيشته بكتابة المقالات لصحيفة برلين المحلية. فهيئة التحرير تكلفه بين الوقت والآخر بالكتابة عن الحرائق. وعليك أن تأخذ كلمة الحرائق حرفيا. فقد أنجز لرنر حتى الآن وصف أحد عشر حريقا. في البداية كانت هذه المهام مغامرة شيقة تشفي الغليل، إذ يقف الصحفي بين الجموع فاغرة الأفواه، متحرجا قليلا، بينما ألسنة اللهب تندلع، والشرر يتطاير، يسقط لوح خشبي من السقف، تقف امرأة في النافذة مولولة في ثوب النوم وترمي طفلها على البساط الذي يمده رجال الإطفاء. نالت تقارير لرنر المبهرة إعجاب هيئة التحرير التي اعتبرته خبيرا في مجال الحرائق. فهل عليه أن ينتظر حريق برلين عن بكرة أبيها حتى يكلف بمهمة أخرى؟

لم يكن رئيس التحرير المتقلب في نار القلق على مصير جريدته يصغي إلى لرنر، فأعداد الجريدة تكسُد. "نحتاج خبطا صحفيا، يجعل القراء يتخاطفون الجريدة"، دمدم الرجل الأنيق، الذي لا تليق بوجهه الهموم، فقد اختير للتو "أجمل رجل في حفلات باليه الصحافة في برلين".


شارك


Kameran Hudsch

Copyright 2022 © DevCloud