كاميران حوج

book cover

الأسئلة المخفية

May 21, 2022

في هذا الكتاب يحاول فايدنر الاقتراب من الإسلام والإحاطة به، من مختلف جوانبه، ليس كمستشرق، ليس كعالم لغة، ليس كدخيل، إنما كمن يعيش أعماق هذا العالم، يعايشه، يحزن لحزنه ويفرح لفرحه وهو في محاولته هذه لا يتوقف عن حدود، بل يتجاوز كل الحدود


وصف


From Books

ارتعب، أدرك أين هو، كانت الباخرة هي ذاتها، لكن أين كان الأين، أين في الأين كان الأين. يعرف أين هو ولا يعرف، لا شيء يمسكه، الجاذبية، جاذبية الروح ألغيت وكأن هذه السفينة تكمل حلقة صوفية، وفي برهة هذا الدورة، في نصف الدقيقة هذه، كان روحه عدما، وفزعا في الآن ذاته، كأنه انفصل بالموت عن الجسد، ولا يعرف هل هو الجسد أم الروح، أين يكمن هو بحق الله، أين كان هو، الذي يعلم، الذي يظن أن الروح مرفوع والجسد مطروح كالميت، لكن أين هو؟ نهض، إذن مازال قادرا على توجيه جسده، لكن أين هو الروح؟ تجمد عقله، ضاق به المكان، ترنح، عبر الباب المترجرج إلى الخارج، وفي الخارج كانت الأمور أسوأ، عصف، صخب، عوارض سميكة، سور السفينة. لا يريد، لا يريد، لكن السور يجذبه، هو من يتحكم بجسده، عقِل، نعم عقِل، إلا أنه لم يفعل المزيد، انقطاع مطلق للتيار العصبي، فقدان كلي للسيطرة والتحكم، "أنت تُوجَّه"، قال لنفسه، شيء ما يوجهك وينبذك إلى السور، وهناك تنظر إلى الأسفل، والأسفل أسود، أسود يضطرم، أسود يسجر، بأمشاط وأطواق، فوار، جميل جمالا لا قبيل له به، لم ير شيئا أجمل من قبل، متوحش ومسالم في الآن ذاته، يصطخب، يبتلع، يحرر، يطمئن، وكان يعرف، هذا هو الحل! كان يبغيه، كان عليه أن يقفز، يغطس، يغرق، هذا هو الحل، الانحلال، الخلاص، ودفع بنفسه نحو الأمام، مجرد فعل لاإرادي، تراجع مترنحا، إلى مساقط الهواء، بشدة تمسك بالسور كأنما تسحله الشياطين، جنح نحو الأمام، أراد النزول إلى تحت السطح، بين البشر، رغم أنهم يبدون كالموتى، حتى لو كانوا راقدين، إلى النور، وكان يجذبه ويجذبه، أين كان روحه، ماذا كان عقله، ما الذي حدث لجسده؟ خواء، لاشيء سوى الدرابزين، لم يعد يعرف، لم يعد يفكر، لم يعد يتذكر، كأن كل شيء انهار، انهار، انهار ومات، قل، قل، قل أي شيء، أتستطيع قول شيء، قل، قل، قل أعوذ، أستعيذ، قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس، وأعاد ما قاله، كرره، وأينما كان في لحظته، سيان ما فعل، شعر أنه قادر على فعل شيء، لم يعد عديم القدرة، كأن روحه بلع الطُعم (من أين جاء بحق السماء؟ في أي مكان من أناه ذات السبعة عشر عاما حفظه؟) لقمة سائغة، وبعناية شد الحبل: أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس، الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس، جر المزيد والمزيد من الحبل وعقده في باطنه، مازالت درجة واحدة إلى بطن السفينة، إلى الصالة الواسعة بما فيها من الأرواح، ترنح إليها، جلس، قعد، حملق وشد الحبل، أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس، من شر الوسواس الخناس، الذي يوسوس في صدور الناس، من الجنة والناس. ها هو، ها هو يرى الروح، روحه، المضطرم، ها هدأ جسده، كأنه بعيد عما جرى، كأنه لم يتخبط، كأنه لا يعبأ بشيء، بينما روحه يضطرم ويضطرم. لكن القتال لم يعد متكافئا، لقد حسم، أعوذ برب الناس، ملك الناس، إله الناس، من شر الوسواس الخناس، الذي يوسوس في صدور الناس، من الجنة و الناس. حسم القتال، لن ينفذ منه، له الآن أن يأخذه في يده، مع أنه مازال يرتعش، ويولي الأدبار، شيء له قشر، شيء زلق، هذا الروح، أمسك به، استعاده، شعر أنه خلص، نجا مرة أخرى، فهنا على السفينة لم يتغير شيء من وجهة النظر الموضوعية، ليست سوى سفينة كما كانت من قبل، لكنها نجت، تسير، تمخر العباب، إلى أين؟ لايعلم، لكنه نجا، أرض صلبة تحت القدمين ولو كانت على ظهر سفينة، الصلب صلب ولو كانت سفينة، لقد نجا، سفينة، سمك، سمك، سفينة، سفينة، سمك، نجا. لقد أمسك السمك، لقد كان على ظهر السفينة. 

تمت في ديار كولونيا المقدسة، من الثامن من ذي القعدة لأربعة وعشرين وأربعمائة وألف إلى العاشر من صفر لخمسة وعشرين وأربعمائة وألف.


شارك


Kameran Hudsch

Copyright 2022 © DevCloud