كاميران حوج

book cover

في خطو السرطان

May 21, 2022

ما الذي يدعو مراهقا يعيش في رفاهية ألمانيا إلى أن يكون نازيا؟ ما هي العوامل التاريخية واليومية التي تجعله يشعر بالخسارة والفقدان؟


وصف


From Books

كنت أرى ابني كونراد في الزيارات، أي نادرا وبشكل غير دوري. شاب سريع النمو، كما رأيت، يسير في تعليمه، برأي أمه، بخطى واثقة ويعتبر ذي موهبة رفيعة وحساسا جدا. لكن عندما سقط الجدار في برلين وفتحت كوة في الحدود قرب موستين، خلف راتزبورغ بقليل، المدينة المجاورة لمولن على الطرف الآخر للحدود، أصر كوني على زوجتي سابقا أن تأخذه إلى شفيرين –على مسافة ساعة بالسيارة- ليزور جدته تولا هناك.

هكذا كان يسميها، بناء على رغبتها كما أظن. لم يتوقف الأمر عند زيارة واحدة، للأسف، كما أقول اليوم. تفاهم الاثنان من النظرة الأولى. حتى في ذلك الأوان، عندما كان كوني يبلغ العاشرة، كان يحكي كلام الحكماء. أنا واثق من أن الأم دوخت رأسه بحكاياتها، التي لم تكن ساحتها باحة النجار في شارع الزن في لانغفور فقط. لا بد أنها لفظت كل شيء، حتى مغامراتها وهي جابية للترامواي في السنة الأخيرة للحرب. ولا بد أن الولد امتص نقيقها كما الاسفنج. وطبعا أطعمته بقصة السفينة الغارقة أبدا. مذاك غدا كوني، أو "صغيري كونراد" كما تسميه الأم، أملها العظيم.

في تلك الفترة كانت تأتي كثيرا إلى برلين، بدت مستمتعة بسفرها في عربتها (ترابي) وهي متقاعدة. لكنها كانت تتنقل فقط لترى صديقتها جيني، أنا كنت مسألة جانبية. هل كان هذا موعدا جديدا؟ سواء في كوخ العرائس الذي تقطنه الخالة جيني أو في شقتي البالية في كرويتزبرغ، كانت تتحدث فقط عن صغيرها كونراد وفرحها المتأخر. يا لفرحتها لأنها تستطيع الآن أن تعنى به أكثر وأكثر بعد أن حلت المنجرة التعاونية. طبعا بمساعدتها، ما يجدر ذكره. كانت تقول أنها تقدم العون طواعية كي تمضي الحياة نحو الأمام. هناك من يحتاج مشورتها. أما فيما يتعلق بحفيدها، فلديها الكثير من الخطط.

لم يتبق لدى الخالة جيني ما تعارض به هذه الطاقة الفائضة إلا ابتسامتها المتجمدة. أسمعتني: "صغيري كونرد راح يصير شغلة كبيرة. مو واحد خيبان متل حكايتك". قلت: "معك حق يا أم. لم يطلع مني شيء ولن يطلع أيضا. لكن كما تشاهدين، فانا أتطور –إذا كان هذا تطورا – لأشعل سيكارة من سيكارة".


شارك


Kameran Hudsch

Copyright 2022 © DevCloud