كادت قدمه أن تعبر العتبة، كان قد رفع قدمه، قدمه اليسرى، كانت ساقه قد بدأت بالحركة، عندما رآها. كانت قد حطت أمام بابه، لا تبعد عن العتبة عشرين سنتمترا، ينعكس عليها ضوء الصباح الشاحب، الذي يتسلل من النافذة. كانت قابعة بقائمتيها الحمراوين، ذاتا المخالب، بأرياشها الرصاصية الزلقة على بلاط الممر الأحمر حمرة دم الثور، تلك الحمامة، تدير رأسها وتبحلق في جوناثان بعينها اليسرى. كانت رؤية تلك العين، ذلك القرص الصغير، المدور، البني بمركز أسود، مرعبة. كانت مثل زر خيط إلى ريش الرأس، دون أهداب، دون حاجب، عارية، متوجهة بوقاحة نحو الخارج ومفتوحة على وسعها، بيد أن فيها شيء مكار متحفظ وهي في الآن ذاته غير مغشية وغير مفتوحة، جامدة كعدسة الكاميرا، التي تبتلع كل الضوء الخارجي ولا تعكس شيئا من داخلها. لم يكن في تلك العين بريق، لم يكن فيها وميض، لم يكن فيها شرارة حياة. كانت عينًا لا ترى وتبحلق في جوناثان.
شارك