يتعرض الشاب المرهف زيهات إلى الاعتقال لنضاله من أجل حقوق قومه تحت الاحتلال التركي. تبدأ النوفيلا في لحظة إطلاق سراحه بعد اعتقال طويل لترسم درب حياة المعتقل السياسي السابق

لاح بين درفتي الباب مثل خفاش. ظلل عينيه كمن تجمع ضوءُ عشرات السنين لينصبّ فجأة في حدقته فتوقف في مكانه. لكزه الشرطي الواقف خلفه عدة مرات بالهراوة، شتمه وركله إلى الخارج.

فاض الكيل بژيهات، اشتاط غيظا من الشرطي، اشتاط غيظا من ذاته، احتقرها ولم يعرف كيف يتصرف. قال في نفسه: "تفووه علي ... لم تبق عندي ذرة كرامة، أنا جبان، نعم، جبان وخائف، أنا تافه... أنا مجرد فأر... حشرة ... أنا خسيس ووضيع ... قذر ... لا أساوي قرشاً واحداً".

......

"ألست رجلا؟"

لم ينبس ژيهات.

"إذا أردت أن تعملها فتعال وإلا فليس عندي وقت، هيا"، قالت المرأة وهمت بالنهوض.

أدار ژيهات ظهره للمرأة. ارتدى ملابسه وغادر الغرفة. خرج من بيت الدعارة إلى الزقاق. توقف ذهنه عن التفكير لا يدري ماذا يفعل أو بمن يلوذ. لم تعد به طاقة لا على الحياة ولا على الموت. انعطف في زقاق ليدخل منه زقاقا آخر. شرد في أزقة الحي الملتوية كأفعى تريد أن تبتلعه.

وضاع ژيهات.