الطبعة الجزائرية لكتاب شتيفان فايدنر المنشور سابقا لدى دار الجمل بعنوان الأسئلة المخفية

شارك رجلا جزائريا، تعرف عليه في القطار الذي سافر فيه من قسنطينة إلى تونس، غرفة الفندق، ولم يكن نادرا أن يتعرف على الناس في كثير من أحايين هذه الرحلة. كان الفتى يتوكل على هكذا مصادفات ويثق ثقة عمياء بنفاذ بصيرته في معرفة طباع البشر، بصيرته الغرة، لكن النابعة من فطرة خفية. والحق أن أحدا لم يخذله، لم يختلس أحد نقوده أو يثقل عليه، بل كان الجميع يشعرون بالمسؤولية تجاهه وقاموا بمسؤوليتهم تلك على أحسن وجه. عرّف الجزائري نفسه على أنه إمام، إمام سابق أزاحه إمام أكثر إسلاما منه، حسبما فهم الحكاية التي لم يفقهها. على كل حال، كان هذا الإمام السابق تاجرا صغيرا يقيم أود تجارته بين عنابة وتونس وما كان الشاب الألماني، الذي لا يعرف دقائق الإسلام، يعلم إن كانت الطقوس الهينة، التي أداها، بدفع من الإمام السابق بغية التمرن عليها، قد جعلت منه مسلما أم لا. أنعشت معارف الألماني بالعربية، القائمة على رسم الحروف وأبسط قواعد النحو والتي كسب بها إعجاب الناس، قلب الجزائري وحفزته ليدعوه إلى الإسلام وإذ نطق الشاب الشهادة، غمر الفرح محيا الإمام وانطلق بهيجا بنصره العاجل: عظيم، أنت الآن مسلم. إلا أن الفتى الألماني كان يظن أن الإمام يرمي لأن يوضح سهولة أن يصبح الرجل مسلما: افعل هكذا، قم بهذا، قلد هذه الحركات، نعم بالضبط، اقرأ السورة، تمتم الشهادة، هكذا هو الأمر، أترى، صحيح صحيح، هكذا تماما وبلمح البصر تصير مسلما. رغم أن الإسلام أغراه ـ لم لا؟ ـ إلا أنه كان يفضل أن يستعلم قبل ذلك عن عواقب الإيمان بدين المسلمين، كما يرى أن يُمنح وثيقة رسمية، شهادة على دينه الجديد. وأما شريكه في الغرفة فقال إن له الحصول عليها في أي مسجد شاء حالما يبرهن على إسلامه بتكرار الشعائر التي تعلمها توا.